بلا عنوان

بِسْــــــــــــــــمِ اﷲِالرَّحْمَنِ الرَّحِيم


 كتاب The Whole-Brain Child، من تأليف عالم الأعصاب دانيال سيجل وأخصائية التربية تينا باين برايسون، يعد من أهم الكتب التي جمعت بين علم الأعصاب والذكاء العاطفي لدعم الآباء في تربية أطفالهم. صدر الكتاب للمرة الأولى في عام 2011، ولا يزال يلقى رواجاً واسعاً بين الآباء والمربين بفضل أسلوبه العلمي المبسط وأدواته العملية التي تساعد الآباء على فهم الطريقة المثلى للتعامل مع الأطفال أثناء نموهم العاطفي والاجتماعي.


1. فهم الدماغ لتربية أطفال متوازنين

يعتمد كتاب The Whole-Brain Child على فهم كيفية عمل دماغ الطفل في مختلف مراحل النمو، ويشرح للمربين أن سلوك الأطفال وتفاعلهم مع العالم المحيط بهم يتأثر بشدة بتطور أدمغتهم. يكشف الكتاب أن الدماغ ينقسم إلى جزأين أساسيين: الدماغ العلوي (المسؤول عن التفكير المنطقي والقدرة على اتخاذ القرارات)، والدماغ السفلي (المعني بالاستجابة العاطفية الغريزية). وتكمن الصعوبة هنا في أن دماغ الطفل لا ينمو ويتكامل بصورة متوازنة بين هذين القسمين، مما يسبب تقلبات في مشاعره وسلوكه​​.


2. التقنيات العملية: استراتيجيات لتربية شاملة

يعرض سيجل وبرايسون في هذا الكتاب سلسلة من الاستراتيجيات العملية التي تسعى إلى مساعدة الآباء على التعامل مع هذه التقلبات. من هذه الاستراتيجيات نجد:

التواصل العاطفي: ينصح الكتاب بتطبيق ما يُعرف بـ"الانضمام ثم التوجيه"، حيث يقوم الآباء بالتواصل مع مشاعر الطفل أولاً حتى يشعر بالأمان، ومن ثم يقدمون التوجيه المناسب للسلوك.


الدمج بين نصفي الدماغ: يشجع الكتاب الآباء على استراتيجيات تربوية تساعد الأطفال على الاستفادة من كلا جانبي الدماغ - المنطقي والعاطفي - على حد سواء، عبر التحدث عن مشاعرهم بصراحة وتشجيعهم على التفكير في مشكلاتهم من منطلقٍ أكثر هدوءًا.


الرؤية الشاملة للموقف: يساعد هذا المفهوم الأطفال على إدراك الصورة الكاملة بدل التركيز على تفاصيل معينة. يشجع الكتاب الآباء على سرد قصص بسيطة تساعد الأطفال على رؤية تسلسل الأحداث بشكل شامل، مما يمكنهم من التعامل مع المشاعر الصعبة بأسلوب أكثر توازنًا​​.


3. فوائد تطبيق مفاهيم الكتاب في حياة الأطفال

تمتاز أساليب هذا الكتاب بفعاليتها في إكساب الأطفال مهارات تعينهم على تنظيم عواطفهم وتطوير علاقاتهم الاجتماعية. عندما يطبق الآباء هذه الاستراتيجيات، يصبح الأطفال أكثر قدرة على التعامل مع الضغوطات اليومية، وتعلم آليات حل المشكلات بشكل مستقل، مما يعزز ذكائهم العاطفي. ويظهر ذلك جلياً في قدرة الأطفال الذين تم تربيتهم وفقًا لمفاهيم هذا الكتاب على التعامل بثقة في المواقف الصعبة وفي علاقاتهم مع الآخرين.


4. تأثير The Whole-Brain Child على الآباء والمربين

بالإضافة إلى التأثير الكبير على الأطفال، يسهم هذا الكتاب في إكساب الآباء مفاهيم جديدة حول التربية الحديثة، ويدفعهم للتأمل في دورهم كمرشدين وليس كـ"متحكمين" في حياة أطفالهم. فهم يعلمون أن دماغ الطفل لا يزال في مرحلة النمو، وأن مساندته في فهم ذاته ومشاعره تساهم في بناء شخصيته بشكل صحي ومستقر على المدى الطويل.


5. خاتمة: لماذا ينبغي لكل والد قراءة هذا الكتاب؟

كتاب The Whole-Brain Child هو دليل مميز للآباء والأمهات الباحثين عن طرق علمية للتواصل الإيجابي مع أطفالهم. هو ليس فقط كتاباً يقدم أساليب ونصائح عملية، بل هو فلسفة شاملة تعزز النمو العاطفي والفكري المتوازن للأطفال. يتيح هذا الكتاب للأهل فهماً أعمق لآلية التفكير والتفاعل لدى الطفل، مما يمكنهم من إنشاء بيئة عائلية يسودها التفهم والاحترام المتبادل​​​​.


باختصار، قراءة The Whole-Brain Child تساعد الآباء على التحول إلى مرشدين واعين يساهمون بفعالية في بناء جيل من الأطفال المتزنين والقادرين على مواجهة تحديات الحياة بتفاؤل وثقة.


اشترك في قناتنا على اليوتيوب ❤ × +
ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِين

إرسال تعليق

أحدث أقدم